كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
إلى أي مدى يمكن البناء على نتيجة التصويت للتمديد لتكون منطلقاً للرئاسة؟ فيكون العماد جوزاف عون مرشحاً مقبولاً يمكن لمعركة انتخابه أن تنطلق من الأصوات التي اقترعت لبقائه على رأس المؤسسة العسكرية. ذاك التوصيت أرادته كل جهة نيابية لمصلحتها فصار التمديد عنواناً لتصفية حسابات سياسية. تكتلت الكتل النيابية ضد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل فصوتت مع التمديد إلا «حزب الله» الذي لم يكن ضده، لكنه لم يكن معه. أعقب الجلسة مباشرة التسريب المتعمد للقاء قائد الجيش المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، قاسمهما المشترك خصومتهما لباسيل. لقاء سياسي كان الغرض منه توجيه رسالة قاسية إلى باسيل من فرنجية مفادها أنّ البديل منه في حال انسحابه هو قائد الجيش الذي سيبقى مرشحاً منطقياً طيلة فترة ولايته الممدّدة. ربما كان في حسابات فرنجية أنّ عدم وصوله يعني التفاهم مع جوازف عون، قوله إنّه ينسحب لصالح قائد الجيش مشكوك فيه من جانب عارفيه لإصراره على المضي بالترشيح واعتبار أنّ حرب غزة تعزّز حظوظه.
في مشهدية ما بعد التمديد وربطاً بالرئاسة جاء المناخ السياسي على الشكل الآتي: يمكن لقائد الجيش ومن يدعمه اعتبار التصويت على التمديد بمثابة استفتاء على رئاسة الجمهورية، وأنّ التمديد لعام كامل معناه مضاعفة فرصة تعديل الدستور لمصلحة انتخابه بعدما خرج منتصراً من معركة سياسية أهّلته للرئاسة بقوة. وجدت المعارضة في قائد الجيش مرشحّاً بديهياً تدعمه قوى الخارج والداخل، وما دام أنّ «حزب الله» لم يتصدَّ للتمديد فهذا يشكّل مؤشراً يمكن البناء عليه.
ولرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي خرج خاسراً من اللعبة، أن يفسّر الإبقاء على جوزاف عون بمثابة استمرار الخطر رئاسياً ومسيحياً عليه، وعلى مستقبل «التيار»، خصوصاً مع وجود أصوات لا تلاقي باسيل إلى معركته في مواجهة قائد الجيش وتنصحه بالانفتاح مسيحياً، لكن من يعرف باسيل يعرف أنّ انسحابه غير ممكن ولا التراجع عن معارضة فرنجية. مدرك منذ لحظة زيارته عين التينة أنّ التمديد لقائد الجيش سيحصل «نكاية فيك»، كما سبق وأبلغه بري. الأمر لم يكن مزحة، وهي حقيقة يعرفها «حزب الله» جيداً، ويعرف أنّ التمديد صار عنواناً لمعركة في مواجهة باسيل. الرجل الذي يلعب على حافة الهاوية حسب البعض لن يدفعه التمديد لقائد الجيش لقبول خيار فرنجية.
بالنسبة إلى الثنائي، فإن اعتباراته مختلفة. اتفقا على مبدأ التمديد، ولكن لكل حساباته. أراد بري توجيه صفعة لباسيل، تناغم مع ميقاتي و»المردة» والتزم مناقشة التمديد. لا يزعجه بقاء جوزاف عون، فكيف اذا كان وجوده سيعكّر صفوة الحياة السياسية لباسيل؟ لكن رغم ذلك، يؤكد بري أنّ حصيلة أصوات التمديد للقائد لا تُصرف في الرئاسة. والتمديد هو لولاية قائد الجيش وقد راعى فيه اعتبارات مسيحية، وتجاوباً مع مطلب فرنسي وأميركي وتهويل غربي من الفراغ، وبما أنّ الحكومة تلكّأت في تأجيل التسريح، فالنقاش في شأن التمديد صار واجباً في البرلمان. يفصل بري حسب مصدر في الثنائي التمديد عن الرئاسة، ولا يرى في الأصوات التي نالها قائد الجيش مؤشراً. كان التمديد مطروحاً عربياً على سبيل مكافأة لجوزاف عون مقابل الاتفاق على انتخاب المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري رئيساً للجمهورية، وهي الصيغة التي طرحتها قطر للتداول.
وليس بعيداً، «حزب الله» الذي يتعامل مع التمديد كاستحقاق انتهى قد يكون على سبيل مكافأة لجوزاف عون، وإنّ حسابات الرئاسة مختلفة. والاختلاف عن بري في التمديد لا يسري على الرئاسة حيث الموقف سيكون موحداً. لا يعني التمديد وجود قرار دولي برئاسة جوزاف عون ولا هو تمهيد لوجود تفاهم محلي ودولي لرئاسة قائد الجيش، وإن كان يحظى بتأييد أميركي. لا انعكاس للتمديد على الرئاسة، ولن يغير في مسار انتخابات الرئاسة من ناحية «حزب الله». خطوة تمت على عكس ما كان متفقاً عليه، ولا يتم التعامل معها على أنها بمثابة خلط للأوراق. ترشيح فرنجية لا يزال قائماً، ولا مقايضة بين التمديد والرئاسة.