للمرة الأولى، حدد الباحثون الآلية الوراثية الكامنة وراء الدور الوقائي، الذي يلعبه الزنك في مرض السكري من النوع 2 ومرض الكبد الدهني المرتبط بهذه الحالة. تعزز النتائج فهم عملية التمثيل الغذائي وتفتح الباب لتطوير علاج جديد لمرض السكري، بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Genetics and Genomics.
يساعد الزنك في وظيفة المناعة، ونمو الخلايا وانقسامها، وتخليق الحمض النووي، والتمثيل الغذائي. ونظرًا لأهميته، فقد طور جسم الإنسان آليات للحفاظ على مستويات الزنك. تتضمن إحدى هذه الآليات الجين المُسمى Solute Carrier Family 39, Member 5، الذي يشار إليه اختصارًا بـSLC39A5، والذي يشفر بروتينًا ينتمي إلى عائلة ناقلات الزنك التي تنقل الزنك إلى الخلايا.
الصلة بين الزنك والسكري
توصلت الدراسات السابقة إلى وجود صلة بين الزنك، وتحسين مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري، ولكن “الكيفية” لم تكن مفهومة بالكامل، مما دفع الباحثين إلى استكشاف الآلية التي تقوم عليها، بدءاً بـSLC39A5.
وقال شيك مان تشيم، الباحث الرئيسي في الدراسة: “نحن نعلم أن زيادة تناول الزنك يحسن التحكم في نسبة الغلوكوز في الدم لدى الأشخاص المصابين بمقدمات مرض السكري أو مرض السكري من النوع الثاني، والأشخاص الذين لديهم طفرة في بروتين نقل الزنك الرئيسي قللوا من خطر الإصابة بمرض السكري”، مشيرًا إلى أن “آلية تأثير الزنك على مستويات الغلوكوز في الدم وخطر الإصابة بالسكري لا تزال غير واضحة”.
الكبد والعظام والكلى والدماغ
أجرى الباحثون تحليلاً لأربع دراسات أوروبية وأميركية تبحث في طفرات فقدان الوظيفة في SLC39A5 بين أكثر من 62000 مريض بالسكري وأكثر من 518000 من الأصحاء. وأكدت نتائج التحليل أن مستويات الزنك المنتشرة في حاملي طفرة SLC39A5 كانت مرتفعة وترتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري.
وبعد التوصل إلى هذه النتائج، قام الباحثون بحذف جين SLC39A5 في فئران المختبر، بحيث تفتقر إلى البروتين الناقل للزنك. وتبين أن الفئران لديها مستويات مرتفعة من الزنك في الدورة الدموية، وأن هناك زيادة بنحو 280% في إناث الفئران وحوالي 227% في الذكور مقارنة بالضوابط. وكانت المستويات أعلى بشكل ملحوظ في الأنسجة أيضًا، وخاصة الكبد والعظام والكلى والدماغ، ولكنها أقل في البنكرياس. لم تؤثر مستويات الزنك المرتفعة سلبًا على وظائف الكلى أو الكبد لدى فئران المختبر.
انخفاض مقاومة الأنسولين
بعد تحدي الفئران المعطلة بنظام غذائي غني بالدهون والفركتوز للحث على السمنة، لاحظ الباحثون انخفاضًا كبيرًا في نسبة الغلوكوز أثناء الصيام مقارنةً بالفئران التي تم تغذيتها بنفس النظام الغذائي. أدى فقدان SLC39A5 أيضًا إلى انخفاض مقاومة الأنسولين، وهي سمة مميزة لمرض السكري حيث تفشل الأنسجة في الاستجابة لإشارات الأنسولين المصممة للحصول على الغلوكوز الذي تمتصه الخلايا.
تحسن حساسية الأنسولين
نظرًا لأن مرض السكري يتزامن غالبًا مع مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD، فقد فحص الباحثون ما إذا كان التخلص من SLC39A5 يفيد الكبد أيضًا. واكتشف الباحثون أن فئران المختبر، التي لا تحتوي على الجين كان لديها تراكم أقل للدهون في الكبد وعدد أقل من علامات الدم التي تشير إلى تلف الكبد. وفي الفئران السمينة، التي لا تحتوي على SLC39A5، لاحظ الباحثون تراكمًا أقل للدهون في الكبد وتحسنًا في حساسية الأنسولين مقارنةً بالضوابط.
تقليل الالتهاب والتليف
يمكن أن يتطور مرض NAFLD إلى شكل متقدم يسمى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي NASH، والذي يسبب التهاب الكبد وتندب الأنسجة، وهو ما يُعرف باسم “تليف أنسجة الكبد”. وتوصل الباحثون إلى أن إزالة SLC39A5 في فئران المختبر السمينة أدى إلى انخفاض علامات تلف الكبد ومستوى الغلوكوز في الدم أثناء الصيام وتحسين الالتهاب والتليف.
وسيلة علاجية محتملة
وقال هاريكيران نيستالا، الباحث المشارك في الدراسة، إنها “توفر لأول مرة أدلة وراثية تثبت الدور الوقائي للزنك ضد ارتفاع نسبة السكر في الدم، وتكشف عن الأساس الآلي الكامن وراء هذا التأثير”، مشيرًا إلى أن “حجب SLC39A5 يمكن أن يكون وسيلة علاجية محتملة لمرض السكري من النوع 2 ومؤشرات أخرى حيث تكون مكملات الزنك وحدها غير كافية”.
العربية