غير مصنف

في ظل الاوضاع الصعبة… هل ننشر صور موائد الافطار؟

مع حلول شهر رمضان، تكثر الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للامتناع عن تصوير ونشر مائدة الإفطار التي تتزين بأبهى حلة وتحتوي على ما لذ وطاب من الأكل، وذلك احتراما لمشاعر المحتاجين والفقراء، خصوصا في ظروف صعبة فرضها وباء كورونا والذي زاد من ضيق حال بعض الأسر المغربية.

هل يعتبر ما يقوم به رواد هذه المواقع أمرا عاديا ومجرد توثيق للحظة ومشاركتها مع الأصدقاء، أم أنه يدخل في باب التظاهر والتباهي؟، وهل فعلا يؤذي مشاعر الآخرين؟.

ترى خريجة التسويق والتجارة الدولية، سلمى أوملال، في تصريحها لموقع “سكاي نيوز عربية” أن نشر صور الأكل هو فعل تشاركي وواحد من الأسس التي تبنى عليها وسائل التواصل الاجتماعي.

وتوضح قائلة: “من يعتبر هذا التصرف أذية للفقراء يشبه كثيرا من يقول إن من يضع صورته في كامل عافيته يؤذي من يعانون من إعاقة، أو من ينشر صورة أثناء تخرجه الجامعي يؤثر في نفسية من لا يحمل شهادات أكاديمية، أو أن صور الأمهات مع أبناءهن تحزن النساء العقيمات”.

وتتابع موضحة أنها تحبذ رؤية الطاولات المرتبة والمزينة، والتعرف على ما يعده أصدقاؤها، لأنه يقدم لها أفكارا جديدة.

وتختتم حديثها قائلة: “من لا يمتلك قوت يومه لا أظن أنه يملك هواتف ذكية ومالا ينفقه على فاتورة الإنترنت ووقتا يمضيه على مواقع التواصل الاجتماعي ليشاهد موائد الآخرين”.

مرض نفسي وتباه

ومن جانبها تصف طبيبة الأسنان، وفاء شفيرة لموقع “سكاي نيوز عربية” الفعل بـ”المرض النفسي”، وتقول: “أرفض الأمر كليا، صحيح أننا في عصر الصورة الجميلة، لكن بالنسبة لي أصبح الأمر مرضا نفسيا وتباهيا أكثر من أي دافع آخر”.

وتؤكد شفيرة أنه في حال كان الدافع هو تقاسم طبق شهي معين فليس في ذلك عيب، لكن “نشر صورة مائدة بكاملها للتباهي بفخامة الأواني والزينة وتنوع الأطباق المطبوخة يصبح سلوكا مرفوضا أخلاقيا، خصوصا خلال هذه الأيام العصيبة”.

أما غزلان بوطيب من باريس فتبرر لموقع “سكاي نيوز عربية” نشرها لصور المأكولات بكونها شغوفة بالطبخ. “أملك صفحة على إنستغرام، أنشر من خلالها الأطباق التي أعدها بكل حب وأقدم الوصفات لمن يريد ذلك. لا أرى في ذلك عيبا، بل وسيلة إلهام وتبادل أفكار وتبقى الأعمال بالنيات التي لا يعلمها إلا الله”.

وتقتصر سكينة بوعلام من مدينة رين غربي فرنسا، على نشر صور مائدة الإفطار الخاصة بها على تطبيق “واتساب” في مجموعة تضم العائلة فقط.

وتشرح موقفها لموقع “سكاي نيوز عربية” قائلة: “لا أمانع في النشر بشكل محدود مع العائلة أو في مجموعات الطبخ على فيسبوك لأنه أمر محفز ويقدم أفكارا ونصائح”.

وتتفق كوثر محمدي خريجة الدراسات القيادية في رأيها مع سكينة معتبرة أن نشر الصور في سياق مجموعات هدفها الأساسي تقديم وصفات الأطباق هو “أمر عادي” لكن خارجها فهو “عيب في حق المحتاجين”.

ويؤكد الأخصائي في علم النفس، رضا أمحاسني في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن نشر المائدة الرمضانية على مواقع التواصل الاجتماعي لا يصبح اضطرابا نفسيا إلا عندما تكون وتيرة النشر كبيرة خلال اليوم.

ويعتبر المعالج النفسي أنه “يمكن أن تكون العملية مجرد فعل مسل للبعض، أو للتباهي وإظهار المستوى المادي ومدى النجاح الديني في إقامة الفريضة والإنفاق للبعض الآخر، فيما يعد تعبيرا عن الفرحة لبعض النساء بما يهيئنه من أطباق شهية”.

وفي المقابل، يلفت أمحاسني إلى أن “الأمر لا يصبح اضطرابا نفسيا ويخرج عن إطار السلوك الاعتيادي إلا عندما تزداد حدة ووتيرة النشر بشكل متسارع. ويمكن أن إسقاط هذا الفعل على ما جاءت به الجمعية الأميركية لعلم النفس بخصوص صور (السيلفي). إذ أنها تعتبر أن كل من ينشر ثلاث صور من ذلك النوع في اليوم فهو على حافة اضطراب نرجسي، يبحث عن اعتراف الآخر بشكل مرضي وقد يدخل في نوبات إحباط وقلق وتوتر إذا لم يتمكن من النشر”.

ويتابع قائلا: “كما أنه يصبح هوسا عندما يقوم الشخص بطبخ الطعام فقط لتصويره ومشاركته إرضاء لعين الآخرين وليس اشتهاء من طرف أهل البيت”.

ويختم أمحاسني حديثه بالإشارة إلى أن العملية في المجمل لا تمثل مشكلا معينا بالنسبة للمتلقي، مضيفا: “قد توقظ فيه الشهوة أو الأفكار، لكنها لن تؤذيه نفسيا، ويبقى القول بأن كل متلق يعيشها انطلاقا من واقعه الخاص”.
المصدر: “سكاي نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى