تقرير خاص لموقع أيوب
هل أفلس بنك الأهداف الإسرائيلية في لبنان، فاتجه نحو قصف عشرات فروع مؤسسة القرض الحسن التابع لحزب الله، والتي تُعتبر المؤسسة المالية الأكبر حجماً والأوسع تعلّقاً بالناس، وليس بالشيعة فقط؟ من اللافت أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أطلق تصريحاً غريباً نهار الأحد، أكد فيه أنّ إسرائيل انتقلت من إضعاف حزب الله في لبنان إلى إبادته فعلياً. فكيف يمكن إبادته؟ وما هو السبيل؟ لم يفهم المراقبون مغزى هذا التصريح إلا عندما أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي مساء أمس بأن الغارات الجوية ستضرب خلال ساعات كلّ المؤسسات الاقتصادية التي تموّل الأنشطة الإرهابية للحزب ضدّ إسرائيل، بحسب تعبيره، ولا سيما فروع جمعية القرض الحسن، في بيروت وكلّ لبنان. فما هي مؤسسة القرض الحسن؟ هي المصرف البديل عملياً عن المصارف الربوية العاملة في لبنان والتي تتعاطى الإقراض مقابل دفع فائدة معينة.
انطلقت هذه الجمعية في العام 1982، ونالت ترخيصها من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د. وأخذت تمارس الأعمال المالية، بشكل ينافس المصارف الربوية، ولا تخضع للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء. بدأت العمل في المناطق ذات الغالبية الشيعية، وبدأت تتوسع في مناطق أخرى، في السنوات الأخيرة.
عملها الأساسي كان منح قروض شخصية مقابل إيداعات بالذهب، ثم تنوعّت الخدمات. وفي تشرين الأول 2019، أطلقت مؤسسة “القرض الحسن” قروضاً جديدة لتمويل المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة والحرف اليدوية. وفي تشرين الأول 2020، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، طوّرت المؤسسة خدماتها بما يجعلها أقرب إلى المصرف العادي، فركّبت أجهزة صراف آلي في فروعها الثلاثة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ثم في فروعها الأخرى. وبدأت المؤسسة ببيع وشراء الذهب مقابل الدولار، إضافةً إلى تخزينها الذهب الخاص بالزبائن مقابل رسوم منخفضة، بعدما كثرت السرقات. ومع ارتفاع سعر الدولار، عمدت الجمعية إلى استيفاء قيمة القروض بحسب سعر الدولار في السوق السوداء، لكنها بالمقابل، واصلت دفع كامل حسابات الزبائن مهما كان حجم المبلغ، بعكس المصارف اللبنانية.
يقدّر عدد الزبائن فيها مليون و800 ألف مستفيد. وفي كانون الأول 2020 ، اخترقت مجموعة قرصنة مجهولة تسمى SpiderZ مؤسسة القرض الحسن، ونشرت وثائق تفصّل عملياتها. وتتضمن الملفات المخترقة معلومات حساب لما يقرب من 400 ألف فرد وكيان. وبالإضافة إلى المواطنين اللبنانيين العاديين، كشفت الوثائق عن المغتربين، وكوادر حزب الله ومؤسساته، وما يسمى بـ “المودعين الرئيسيين”، والكيانات الإيرانية، والأهم من ذلك، المصارف اللبنانية التي تعاملت مع المؤسسة.
وقد نما إقراض المؤسسة بشكل مطرد على الرغم من العقوبات الأميركية، من 76.5 مليون دولار في عام 2007 إلى 476 مليون دولار في عام 2018 و480 مليون دولار في عام 2019. وبحسب المعلومات، فقد بلغ النطاق الإجمالي لنشاط الجمعية من عام 1983 حتى نهاية عام 2019، ما يقارب 3.5 مليار دولار. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على المؤسسة في تموز 2007، مشيرة إلى أن النشاط المالي لحزب الله أعطاه إمكانية الوصول إلى النظام المصرفي الدولي.
وبغضّ عن دور المؤسسة في تمويل الحزب، فإنها الشريان الأساسي الذي يربط الحزب ببيئته الحاضنة وما هو أكثر من ذلك. لذلك، فإن استهدافها بالقصف، سيكون مؤثراً في تعطيل عملها، ونزع الثقة بها، وتخريب العلاقة بين الحزب وجمهوره. هي كأيّ مصرف عادي يقوم على الثقة بينه والزبائن. ومجرد قصف فروع المؤسسة، أو معظمها، يثير القلق من ضياع الودائع أو الأمانات، فيسارعون إلى طلب استردادها، خشية ضياعها. إنها حرب من نوع آخر، أو امتداد لحرب الاجتثاث.