ديوان المحاسبة يحسمها… رفض صفقة تلزيم البريد لتحالف ميريت إنفست وColis Privé France
كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن:
حسم ديوان المحاسبة موقفه من ملف البريد. فمصادره اعتبرت أنّ عمل الديوان في ما يتعلق بهذا الملف إنتهى لدى صدور قراره الثاني الذي رفض بموجبه صفقة تلزيم البريد لتحالف شركة ميريت إنفست ش.م.ل. وشركة Colis Privé France. أمّا كسر قرار سلطة الرقابة المسبقة، فتتحمّل مسؤوليته الحكومة عملاً بمبدأ فصل السلطات. في وقت تبدو الحكومة وفقاً لمصادر مطلعة، «ملزمة بتقديم تبريرات توازي الذرائع والمبادئ القانونية التي إستند إليها قرار الديوان، وإلا نكون أمام سابقة تؤسس لمرحلة جديدة من الإستسابية في الخضوع لقرارات الديوان أو نقضها».عملياً خلصت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بعد الإستماع لمعطيات صفقة البريد من رئيس ديوان المحاسبة محمد بدران، ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية ووزير الإتصالات جوني القرم، إلى تحويل الملف مجدداً لوزير الإتصالات، حتى يضع تقريراً مفصلاً فيه، ويرفعه لجلسة مجلس الوزراء المقبلة من أجل إتخاذ القرار النهائي.
هذا «التكتيك» الذي إختارته الحكومة للتهرب من إتخاذ الموقف، أو اقله تأجيل المواجهة مع أي من الطرفين، وصفه مرجع قانوني بـ»بدعة،لا تعكس دعم مجلس الوزراء لدولة القانون والمؤسسات الرقابية»، إذ أنّ الوزير لا يمكنه أن يكون حكماً في ملف هو خصم فيه بالأساس، أو أقله مشتبهاً بكونه صاحب مصلحة. وهذا بالتالي ما يبقي الصفقة في دائرة تجاذب مرشح للمتابعة حتى جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وربما بعدها.
في الأثناء، يتابع وزير الاتصالات حملته المركزة لإحتواء الرأي العام وإقناعه بجدوى الصفقة المنوي ترسيتها على التحالف. وهي حملة وضعتها مصادر مواكبة للملف في إطار «شيطنة» الهيئات الرقابية، ولا سيما هيئة الشراء العام ورئيسها جان العلية. وفيما لم تهدأ بيانات القرم الصحافية بعيد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، رأت المصادر في ذلك «عملاً منظماً يهدف لزرع الشكوك بمصداقية الهيئة التي ارتكز ديوان المحاسبة على ملاحظاتها في إصدار قراره، تمهيداً لكسر هذا القرار، عبر نزع أسسه المبنية على المبادئ القانونية التي تختزلها تلك الملاحظات». وتعرب المصادر بالتالي عن توجسها من محاولات القرم المتكررة لإبعاد النقاش عن السياق القانوني للملف، عبر التداول بما في جعبته من رسائل وأحاديث شخصية، حاول من خلالها وضع رئيس الهيئة في موقع المتهم والمشكوك بمصداقيته، كمقدمة للتشكيك بملاحظاته القانونية.
وهذا ما يعيدنا إلى حجج الوزير للتمسك بترسية العقد على التحالف، وإسترساله بوضع الأمر ضمن ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا. هذا في وقت أصرّ القرم بتصريحات صحافية على معادلة إختصرها «إما بقبول نتائج التلزيم أو خسارة القطاع».