اخبار بارزةلبنانمباشر

تراجع حادّ في مبيعات الكماليات… قطاع الملابس “أكل الضرب”

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

بعدما استقرّ سعر صرف الدولار على 89 ألف ليرة و85 ألفاً لـ»صيرفة»، واجتاز قطار الدولرة قطاعات اقتصادية واسعة وارتفع الأمل في وضع حدّ ما لجائحة التضخّم، وصعدت آمال تحقيق شيء من النموّ، غيّرت الحرب في المنطقة المعادلة وأعادتنا مجدّداً الى مربّع العام 2020 خصوصاً في ما يتعلّق باستهلاك المنتوجات الكمالية ومنها الألبسة، التي شهدت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزّة انحداراً كبيراً.

خمسة وعشرون يوماً من التوترات الأمنية على جبهة الجنوب اللبناني، كانت كفيلة بـ»دبّ الرعب» في نفوس اللبنانيين من إمكانية نشوب حرب شاملة، فأحجموا عن شراء المنتوجات الثانوية التي تدرج ضمن الكماليات. هذا الأمر أكّده عضو غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان نبيل فهد الذي أوضح لـ»نداء الوطن» أن «المنتوجات التي تُدرج ضمن الكماليات انخفضت مبيعاتها في السوبرماركات بنسبة 90% مثل الأدوات المنزلية (صحون، كبايات، ورق محارم مخصص لمائدة الطعام، معدات للمطبخ والحمامات، القرطاسية والألعاب، وشمع الزينة… ) حتى أن المشروبات التي تُدرج ضمن المواد الغذائية تراجعت مبيعاتها بنسب كبيرة، فبات المواطنون يستبدلون شراء المواد الثانوية بالأساسية. أما الملبوسات والقطنيات فتراجع شراؤها بنسبة 70%».

وحول قطاع صناعة الملبوسات، أوضح عضو جمعية الصناعيين بول أبي نصر في حديثه الى «نداء الوطن»، أنه «منذ تدهور الوضع الأمني في الجنوب، انخفضت مبيعات الملابس وتوابعها (مثل الكلسات والقطنيات…) في المناطق البعيدة عن محور الجنوب بنسبة نحو 35%، أما في مناطق الجنوب فهوت أكثر من 90%، نتيجة توقّف استهلاك المواد التي تدرج ضمن الكماليات. وهذا الأمر كان منتظراً مع نزوح نحو 100 ألف نسمة من سكان الجنوب نحو الشوف والبقاع وبيروت، استباقاً لإمكانية توسّع رقعة الحرب. وعادة في مثل تلك الأوضاع، يحافظ المستهلك على النقد الذي لديه تحسّباً للأسوأ. لذلك كان ضرر تلك الأحداث مباشراً وكبيراً على حركة الاستهلاك ومعه الاقتصاد بأكمله».

تداعيات إستمرار الحرب واللاحرب

لكن ماذا يحصل إذا بقي الوضع الراهن على حاله أمنياً، وطالت فترة الحرب واللاحرب باستمرار الأحداث الأمنية في الجنوب؟ يجيب أبي نصر «الوضع سيكون كارثياً على قطاع الملبوسات للأسباب التالية:

– يُعتبر تشرين الثاني وكانون الأول شهري التسوّق بامتياز، إذ يبدأ المواطنون بإعداد العدّة لعيدي الميلاد ورأس السنة، ويكونون حينها قد تجاوزوا مرحلة الأعباء المدرسية فترتفع عندها نسبة الإستهلاك.

وبذلك إذا لم يشهد شهر كانون الأول تحسّناً في الاستهلاك، فإن الاقتصاد سيتراجع بشكل كبير جداً بل «جنونياً»، لأن الدورة الاقتصادية مبنية على الاستهلاك».

– سيكون من المستبعد قدوم المغتربين خصوصاً إذا بقي الخوف مسيطراً على مطار رفيق الحريري الدولي.

الحرب دمار شامل للإقتصاد

أما إذا خرجت الحرب عن «قواعد الإشتباك» المحدودة في الجنوب، ودخلنا في مرحلة الحرب الكبيرة، يقول أبي نصر «نكون دخلنا في مرحلة دمار شامل للاقتصاد، ومن المستبعد أن ننهض منها. لأن الاقتصاد اللبناني لا يتحمّل ضربات كهذه. فعدا الدمار المباشر الذي يمكن أن يصيبنا جرّاء الحرب هناك الدمار غير المباشر الذي سيطاول الاقتصاد والدورة الاقتصادية. فالاقتصاد لم يتعافَ بعد من الأزمة المالية التي تتخبّط بها البلاد، ولم تعد عجلته الى الدوران كما كان الوضع عليه سابقاً، وبالتالي لا تزال الشركات تحاول الإقلاع بالموظفين الجدد، بعد أن خسرت موظفيها الذين غادروا لبنان. والمؤسسات تعتمد على رأسمالها لتسيير أعمالها في ظل غياب أداء القطاع المصرفي. وفي حالة كهذه وبعد الصيف الممتاز، فإن دخول لبنان في حرب سيقضي على الاقتصاد».

وأضاف: «بينت دراسات صدرت، أنه اذا دخل لبنان في حرب سيتراجع الاقتصاد بنسبة 30% أي نكون قضينا على الاقتصاد كلياً وعدنا الى نقطة الـ2020 حينما كان مدمّراً مالياً فقط من دون بنيته التحتية وعمرانه، هذا بغضّ النظر عن الوضع الإنساني الذي ستكون له كلفة على الصحّة وإعادة الإعمار والاقتصاد لا يتحمّلها».

الصناعيون يعانون

وماذا لو طال الوضع، هل سيحافظ الصناعيون اللبنانيون على حجم أعمالهم وعمّالهم؟ أوضح نائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان زياد بكداش لـ»نداء الوطن»، أن «الصناعيين اليوم في وضع لا يُحسدون عليه، هناك قطاعات ستتوقف عن العمل أو حتى سيخفّ عملها. الكلّ في حالة ترقّب، ومعظم المواطنين «يتبضّعون» المواد الأساسية، الغذائية والأدوية الضرورية والمحروقات، خصوصاً أننا على أبواب فصل الشتاء. فمعظم المواطنين توقّفوا عن شراء الكماليات التي لديها قيمة مضافة عالية والتي يحقّق منها الصناعي الربحية. فالصناعة استناداً الى بكداش قسمان: «قسم مواد أساسية وسعرها مقبول وقسم آخر هو بمثابة كماليات أي لديها قيمة مضافة أي أرباح أكبر».

انطلاقاً من هنا، يؤكّد أنه «لا يمكن أن يبقى وضع أي صناعي أو تاجر مقبولاً وأن يحافظ على عمله من خلال بيع المواد الأساسية من دون بيع البضاعة ذات القيمة المضافة، مثل الملابس وبعض المأكولات ولا ننسى العطورات وأدوات التجميل والمفروشات وغيرها. وهنا لا بدّ من التذكير أننا على أبواب موسم الأعياد، وبما أن الحرب على غزّة طويلة فستصيب الأحداث بتداعياتها قطاع الكماليات والاستثمارات. فكل الاستثمارات الجديدة ستُفرمَل وستتوقّف التوظيفات، وسيتوقّف أرباب العمل عن التفكير بزيادة بعض الرواتب بعد زيادة أكلاف المعيشة».

صمود شهرين فقط

أما أبي نصر فاعتبر أنه «إذا استمرّت الأوضاع الأمنية على حالها اليوم في الداخل، فلا يمكن لشركات الملبوسات وخصوصاً تلك التي لا تصدّر الى الخارج، أن تستمرّ مع مبيعات انخفضت بنسبة 35 و40% على المدى الطويل، إذ يمكنها أن تستمرّ على هذا المنوال لفترة أقصاها شهران. وإلا ستضطر الى إعادة النظر بموضوع الموظفين لديها وكل المصاريف في ظلّ غياب قطاع مصرفي قادر على التمويل والشركات الخاصة مجبرة على أن تتدبّر أمرها.

أما تصدير الملبوسات فلم يتأثّر لأنه متصل بعقود متوسطة وطويلة الأمد. ولكن إذا طال التوتر الأمني فستتأثّر تلك العقود.

علماً أن إمكانية عمل الصناعيين للتوسّع الى الخارج ليست بالمسألة البسيطة، وفي هذا المجال يعتبر أبي نصر أن ليس هناك وقت كافٍ للتأقلم، فالمرحلة الراهنة فرضت نفسها بشكل سريع ومباغت. لذلك لا يمكن الإعتماد على التوسّع الى الخارج بسهولة.

فالأهم اليوم يبقى تمرير المرحلة بسرعة كي تكون الشركات قادرة على تجاوزها في أقل ضرر ممكن، والخوف يبقى من الإضطرار الى الاستغناء عن موظفين».

وفي السياق اعتبر عضو جمعية الصناعيين وصاحب معمل ألبسة قطنية بسام محفوظ أن التوتّر الأمني في المناطق الجنوبية أدّى الى «تراجع العمل بنسبة تتراوح بين 30 و40% «. معتبراً أن «الاستمرار في مرحلة الحرب واللاحرب لفترة طويلة من شأنه أن يؤثّر سلباً على عملنا وإنتاجيتنا». ويضيف، أما إذا توسّعت رقعة الحرب واضطررنا للإقفال، فستكون التداعيات أكبر خصوصاً إذا طال أمد الحرب، وسيتأثر بذلك العامل في ظلّ عدم أداء المصارف عملها. أما إذا طالت فترة الحرب واللاحرب فيبقى المواطنون في مرحلة ترقّب والأسواق شبه جامدة !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى