كارثة اقتصادية: إشغال الفنادق بين صفر و10% ومؤسسات تصرف موظفين!
كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”:
منذ الاسبوع الماضي بدأ أكثر من فندق كبير في بيروت تخفيض عدد الموظفين، الذين يتم التعاقد معهم عبر شركات خاصة لخدمات النظافة وترتيب الغرف، بسبب تقلص نسبة الاشغال فيها والتي لا تزيد حالياً على 10 بالمئة. هذا الواقع تؤكده مسؤولة التوظيف في أحد الفنادق الكبرى لـ»نداء الوطن»، لافتة الى أن «هذا الاجراء شمل عمالاً من جنسيات أجنبية لتخفيف المصاريف في ظل ضآلة عدد النزلاء والغاء كل المناسبات العلمية والاجتماعية التي تم حجزها في قاعات الفندق». وتشرح أن «موجة تخفيض العمال شملت أيضاً عمالا لبنانيين يعملون في مطاعم الفندق بسبب تراجع الرواد أيضا».
اذاً، الفنادق وبيوت الضيافة في لبنان شبه فارغة منذ بدء العدوان على غزة، صحيح أن شهري تشرين الاول والثاني ليسا من أشهر الذروة على الصعيد السياحي، لكن على الاقل لم تكن خالية من أي نشاط سياحي أو مناسبات علمية ومؤتمرات تعقد في الفنادق كما هو حاصل اليوم، ما يطرح السؤال عن مصير القطاع الفندقي في القادم من الايام، خصوصاً أن شهر كانون الاول المقبل يضم مناسبات وأعياداً (عيدا الميلاد ورأس السنة) والتي كان يمكن أن تتوج الانتعاشة التي شهدها القطاع السياحي والفندقي في لبنان خلال فصل الصيف المنصرم.
تعوّدنا على الصدمات
يشرح رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان بيار الاشقر لـ»نداء الوطن» أن «ما يحصل على الصعيد الامني صدمة لنا ونحن معتادون على هذه الصدمات. وما يمكن تأكيده أن تأثير هذه الاحداث على القطاع الفندقي هو تسجيل فراغ كامل في نسب الإشغال، لأن كل السياح الذين كانوا سيأتون الى لبنان وكل المؤتمرات والمعارض التي كانت ستنظم في الفنادق اللبنانية كما ان أهلنا المغتربين ألغوا حجوزاتهم»، لافتا الى أنه «انطلاقاً من هذا الواقع، فان الحجوزات والاشغال في فنادق بيروت تتراوح بين الصفر و10 بالمئة، وأؤكد أن بعض الفنادق في بيروت ليس فيها ولا غرفة مشغولة. وأحد الفنادق الكبرى نسبة الاشغال فيه لا تتجاوز الـ7 بالمئة. أما خارج بيروت فالوضع سيئ جداً علماً أنه في مثل هذا الوقت من العام تكون نسبة الاشغال في الفنادق في بيروت نحو 25 بالمئة وباقي المناطق نحو 10 بالمئة (نهاية موسم الاصطياف والبحر وبدء موسم المدارس)».
الإنتعاشة ليست قريبة
يضيف: «في تقييمنا للوضع الحالي، حتى لو عادت الامور الى طبيعتها غداً صباحاً، فان القطاع السياحي في لبنان يحتاج من شهرين الى ثلاثة أشهر لاستعادة عافيته ويسجل نسبة 50 بالمئة مقارنة مع الازدهار الذي سجله خلال فترة الصيف الماضي. اي لنتمكن من اعادة المؤتمرات والمجموعات السياحية التي كانت ترغب في المجيء الى لبنان، واقناعهم بأن الوضع الامني استتب نهائياً. خصوصا ان الاعلام العالمي يركز على ان لبنان الذي هو جزء من الجبهات المفتوحة الى جانب غزة وتوترات منطقة الشرق الاوسط ككل. ففي ظل كل هذه الاجواء لا يمكن البحث في تنشيط السياحة بل هي اكبر عدو لها».
على صعيد الإقليم
يعتبر الاشقر أنه في الوقت الذي يتم فيه قصف غزة، هناك ايضاً قصف لكل الوضع السياحي في المنطقة، كاشفاً ان اتصالاته مع المسؤولين عن قطاع السياحة في الاردن ومصر تظهر ان الواقع السياحي هناك ليس افضل حالاً بكثير من لبنان، وأن معظم السياح الذين يزورون الاردن ومصر هم رجال أعمال وليس هناك مجموعات سياحية كاملة ولا سيما في مصر. وشدد على «أننا نعيش في منطقة ملتهبة ستنعكس سلباً على الوضع السياحي في كل البلدان والتراجع الاكبر يسجله لبنان، لكن لا يمكن تحديد ارقام الخسائر في القطاع الفندقي، علماً ان أن كلفة تسيير أحد الفنادق في بيروت تصل الى 170 الف دولار لمعاشات الموظفين، ونحو 150 الف دولار كلفة تشغيلية بينما الاشغال لا يزيد عن الـ10 بالمئة. من هذا الواقع يمكن احتساب الخسائر، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه لا شك أن المؤسسات الفندقية ستفكر جدياً في تخفيض عدد موظفيها ما أمكن».
ضربة مؤلمة
يشرح الاشقر أن «الجميع يعلم أن جهداً كبيراً بذل من قبل القطاع الخاص في لبنان، واستطاع ان يطلق منتجاً سياحياً جديداً هو بيوت الضيافة التي وجدت في قرى نائية في عكار وصور والبقاع مثلاً ما وضع هذه القرى على الخريطة السياحية، بعد أن كانت تتركز السياحة في لبنان في بيروت وجبل لبنان فقط خلال 50 عاماً مضت»، مشيراً الى أن «هذا النوع من السياحة تطور بعد جائحة كورونا، وباتت الناس تتجه نحو السياحة البيئية والرياضية، وحصلت استثمارات كبيرة في هذا المجال وانتشرت في جميع المناطق اللبنانية مثل الضنية وراس بعلبك وعكار وجزين وصور، وهي مناطق لم تكن على الخريطة السياحية كما يجب رغم وجود بعض الفنادق في هذه المناطق، وبسبب بيوت الضيافة باتت هناك مجموعات كبيرة تقصد هذه المناطق».
نجحنا.. ولكن!
يضيف: «هذا الجهد الكبير كان نتيجة نداءاتنا للمغترب اللبناني لدعم بلده في الازمة التي يمر بها، وقد اظهر المغتربون شعوراً وطنياً كبيراً جداً ولبوا النداء وأتوا الى لبنان وساعدوا في دعم الاقتصاد اللبناني»، مشيراً الى أن «هذا الأمر أظهر أن السياحة كانت ولا تزال هي القاطرة الاساسية للاقتصاد في لبنان. وقد مرّ علينا صيف هذا العام أفضل من الصيف الماضي، وتبين أن هناك نمواً تدريجياً في القطاع، وهذا أمر مقبول. واستطعنا وضع لبنان على الخريطة السياحية للسياح الغربيين الذين كانوا يخافون من زيارة لبنان، وهذا بسبب الجهد الذي تمّ بذله وبمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي والدعايات التي قامت بها الجمعيات لدعم السياحة في لبنان والتعريف عن المناطق السياحية في لبنان».
كل هذه الخطوات أثّرت ايجاباً على لبنان وبات السائح الغربي (اميركي/مكسيكي/ أوروبي) على استعداد لزيارة لبنان، وسجلوا هذا العام اعداداً تفوق السنوات الماضية، وبات هناك نمو في اعدادهم. وكانت هذه الوتيرة ستكمل خلال فصل الخريف وبداية فصل الشتاء أي حتى نهاية العام لولا الاحداث الامنية».