إطلاق التقارير السنوية لوفيات الأمهات.. إليكم تفاصيلها!
أطلق وزير الصحّة العامّة فراس الأبيض التقارير السنوية لوفيات الأمهات للأعوام الماضية 2020-2021-2022، والتي تم إعدادها بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والجمعية اللبنانية للطب النسائي والتوليد واللجنة الوطنية لسلامة الأمومة.
وأظهرت التقارير نجاح لبنان رغم التحديات الهائلة التي تسببت بها الأزمة الإقتصادية بالمحافظة عامي 2020 و2022 على مؤشر انخفاض الوفيات الذي تم التوصّل إليها قبل الأزمة عام 2017 حين تم تقليل الوفيات عن العقود السابقة بنسبة تزيد عن خمسة وسبعين في المئة. وفيما ارتفع هذا المعدل عام 2021 فإن السبب يعود إلى التأثيرات السلبية لوباء كورونا على النساء الحوامل، وهو ما حصل كذلك في عدد كبير من دول العالم من بينها الولايات المتحدة وقبرص، علمًا أن هذا المعدل عاد وانخفض سريعاً إلى المعدلات السابقة في العام التالي.
وجاء ذلك في مؤتمر صحافي حضره رئيس اللجنة الوطنية لسلامة الأمومة فيصل القاق وممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان أسمى قرداحي وممثلون عن المنظمات الدولية الشريكة اليونيسف والصحة العالمية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والجمعية اللبنانية للأمراض النسائية والتوليد ووحدة الإحصاءات الحيوية في وزارة الصحة العامة.
إستهل المؤتمر بكلمة ترحيبية لرئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية رندة حمادة ثم قدّم القاق عرضًا تقنيًا أشار فيه إلى أن “تقارير السنوات الثلاث الأخيرة المتعلقة بوفيات الأمهات تظهر التالي:
16 وفاة على صعيد كل لبنان عام 2020: 50 في المئة من الوفيات لسيدات لبنانيات و44 في المئة من الوفيات لسيدات سوريات.
45 وفاة على صعيد كل لبنان عام 2021: يعود سبب إرتفاع الحالات إلى انتشار وباء كورونا ولا سيما متحور دلتا الذي أثّر خصوصًا على النساء الحوامل.
18 وفاة على صعيد كل لبنان عام 2022: 51 في المئة من الوفيات لسيدات لبنانيات و44 في المئة لسيدات سوريات”.
وأشار القاق إلى أنه “بين 2000 و2022 أظهرت ثمانية بلدان في العالم إرتفاعًا غير متوقع في وفيات الأمهات بسبب وباء كورونا من بينها الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 77 في المئة وقبرص بنسبة 107 في المئة. وتابع أن المعدل المسجل في لبنان عام 2021 يحاكي إرتفاع الوفيات المسجل في العالم بسبب وباء كورونا ولكن نسبته تبقى أقل بكثير مما تم تسجيله في بلدان لها أنظمة صحية متطورة”، مشيرا إلى أن “العودة عام 2022 إلى نسبة تصنف بأنها منخفضة من الوفيات بفارق عام واحد تعتبر قصة نجاح على هذا الصعيد”.
وفي التوصيات أشار رئيس اللجنة الوطنية للأمومة إلى “ضرورة التبليغ عن الحمل في الأسابيع الأولى لأن التأخير في ذلك يعرّض المرأة لمخاطر طبية جدية، ودعا إلى تحديد مراكز متخصصة تحال عليها حالات الحمل الصعبة لتلافي حصول الأسوأ”.
ثم تحدّثت قرداحي فنوّهت “بإطلاق تقارير وفيات الأمهات للأعوام 2020-2022 بالشراكة مع وزارة الصحة العامة والجمعية اللبنانية للطب النسائي والتوليد”، مشيرة إلى أنها “توفر بيانات وإحصائيات دقيقة حول أسباب واتجاهات وأنماط وفيات الأمهات في لبنان”، آملة “استخدامها لتقرير تدابير تزيد معدلات البقاء على قيد الحياة”.
وأوضحت أن “صندوق الأمم المتحدة في لبنان وبالتعاون مع وزارة الصحة العامة جهد خلال الأعوام الماضية على تعزيز برنامج الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك الأمومة المأمونة لجميع النساء من دون أي تمييز فتم تطوير المبادئ التوجيهية لتقديم خدمات الصحة الإنجابية وتدريب الطواقم الطبية على استعمالها واستحداث المرصد الوطني للتحقيق في وفيات الأمهات والذي من خلاله يتم جمع البيانات التي تسهم في تحديد الإجراءات الأساسية لتطوير برامج الأمومة المأمونة. هذا بالإضافة إلى تعزيز الرعاية الصحية الأولية ودعم القبالة وتوفير الأدوية ووسائل منع الحمل والمستلزمات الطبية الضرورية لتوفير رزمة متكاملة من خدمات الصحة الإنجابية”.
وجددت “إلتزام صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان التعاون المتواصل مع وزارة الصحة العامة والأفرقاء كافة من أجل ألا تموت أي امرأة وهي حامل أو وهي تعطي الحياة لمولود جديد”.
ثم تحدّث وزير الصحة العامة فنوّه بـ”ما يبديه فريق عمل وزارة الصحة من إلتزام”، لافتًا إلى أن “مجمل برامج وزارة الصحة العامة كالترصد وتجميع المعلومات والرعاية الصحية الأولية لا تزال تقوم بكامل واجباتها، رغم تعثر العديد من المؤسسات العامة في لبنان تحت وطأة الأزمة الإقتصادية”.
وتابع الأبيض: “أن المعدل الذي يصنف بأنه منخفض لوفيات الأمهات في لبنان يعكس الجهود الكبيرة التي يتم بذلها من قبل جميع المعنيين سواء في الوزارة أم الشركاء كافة أم العاملين في القطاع الصحي من قابلات وأطباء وممرضات وممرضين، وهو ما يساعد النظام الصحي في لبنان على المحافظة على مؤشرات جيدة”.
وقال: “إن مؤشر وفيات الأمهات يشكل دليلا واضحًا من جملة أدلة أخرى على صمود النظام الصحي في لبنان، وإلا لكان معدل الوفيات إلى ارتفاع. فرغم التحديات الهائلة التي تسببت بها الأزمة الإقتصادية لم يرتفع معدل وفيات الأمهات بل تمت المحافظة عامي 2020 و2022 على هذه النسبة التي تعتبر منخفضة من الوفيات والتي تم التوصل إليها قبل الأزمة عام 2017؛ وصحيح أن هذا المعدل إرتفع بسبب وباء كورونا عام 2021 إلا أنه سرعان وعاد إلى معدلاته السابقة بعد انحسار تأثيرات الوباء”.
وشدد على أن “النظام الصحي اللبناني نجح في مواجهة مختلف التحديات وأبرزها في هذا المجال وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على أرض لبنان”. وقال: “إن الملفت في ما تم عرضه من أرقام أن المؤشرات الصحية عند النازحين السوريين مماثلة للمؤشرات الصحية عند اللبنانيين، ما يشكل تأكيدًا للجهود الجبارة التي قام بها لبنان والنظام الصحي لتقديم الخدمة الجيدة للبنانيين وللمقيمين على أرض لبنان. ولكن في الوقت عينه، تعرب الوزارة عن قلقها الشديد لتقليص موازنة الصحة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بنسبة أربعين في المئة ما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة، خصوصًا مع انتشار الأوبئة وغيرها الأمراض، إذ من غير العدل والأخلاق إلقاء العبء على لبنان وسط كل ما يمر به من ظروف صعبة”.
ولفت إلى أن “ضرورة التزام ما قرره برلمان الإتحاد الأوروبي أخيرًا حول دعوته مختلف الجهات المانحة إلى مساعدة لبنان في تحمل أعباء النازحين، بحيث يجب الإبقاء على المعدل نفسه للدعم المقدم لهم وليس تقليصه”.
وختم الأبيض لافتًا إلى أن “لبنان تمكن من مواجهة أزمات السنوات الأخيرة وحقق نظامه الصحّي الصمود”، وأبدى ثقته بأن “جهود العاملين في القطاع الصحي ستمكّن هذا النظام من غلبة التحديات وتحقيق المزيد من المؤشرات الجيدة على غرار مؤشر وفيات الأمهات”.