صحةمباشر

شاش وأدوات طبية في بطون المرضى.. الأخطاء الطبية تزداد في مشافي اللاذقية

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا الشهرين الماضيين بقصة وفاة الطفل جود سكر ووفاة مريضة في مشفى العباسيين في دمشق، واللذين تسببت الأخطاء الطبية بوفاتهما بحسب الروايات. وحتى اللحظة لا إعلان رسمي صادر عن النيابة العامة في دمشق يوضح ملابسات الحادثتين ولكنهما فتحتا باباً لقصص عن أخطاء طبية في اللاذقية تحديداً؛ حيث تلعب “الواسطة” والتقرب من أصحاب النفوذ دورا في الإفلات من المحاسبة.

دخلت لتتجمل فخرجت بفتحة في البطن!

قصص لم نعتد سماعها إلا على مواقع التواصل الاجتماعي عن مدعي مهنة الطب، ولكن أن يحصل خطأ طبي قاتل بيد أطباء اختصاصيين فهو أمر كان يصعب تصديقه. ذلك ما حصل للمريضة (س) في اللاذقية، التي أرادت إجراء عملية تجميل لجسدها (شد بطن ونحت) وهي العملية الأكثر شيوعا حالياً في العالم، فكل الفتيات والنساء يرغبن في قوام ممشوق وخصر نحيل وبطن مسطح.

انتهت عملية المريضة بكل نجاح وغادرت المشفى لمنزلها ولكن ما هي إلا أربعة أيام حتى عادت للمشفى بآلام مبرحة وتبين بعد الاستقصاء وجود انثقاب في الأمعاء وتلوث بالبطن، أدخلت بعدها المريضة إلى غرفة العمليات وتم استئصال قسم من الكولون وبقيت في المشفى ما لا يقل عن شهرين وخضعت لعدة عمليات لإصلاح الخطأ الجسيم الذي حصل.

يقول أحد العاملين في المشفى لموقع تلفزيون سوريا (والذي نتحفظ على ذكر اسمه ومكان عمله حفاظاً على أمنه الشخصي)، إن “انثقاب الكولون أثناء عملية شفط الدهون قد يكون وارداً عندما يقوم بها شخص غير خبير ولا خلفية علمية قوية عنده، ولكن أن يقوم بها طبيب ويرتكب مثل هذا الخطأ فهذا معيب جداً. ويتابع “شفط الدهون يحتاج لتكنيك معين وأسلوب صحيح، ما حصل مع المريضة أن أحد المقيمين المتدربين قام بالشفط وكأنه يلعب ومن دون أدنى إحساس بالمسؤولية”.

يضيف العامل أن المريضة قاربت في لحظات كثيرة على الوفاة وحتى في حال نجاتها فجسمها سيعاني الكثير ليعمل بشكل أقرب للطبيعي.

وبحسب إحدى الممرضات التي تعمل في أحد مشافي اللاذقية فإن الاستهتار بالمرضى وصل حده الأقصى، ففي العام الفائت دخلت مريضة لتجري عملية (تصغير ثدي)، وكانت سعيدة للغاية أنها وأخيراً ستتخلص من المشكلات الصحية ولكن المريضة عانت من إنتانات في جرح العملية نفسها أدى إلى تموّت جزء من الثدي. لم تقدم المريضة شكوى لأن الطبيب المسؤول عن الحالة من المتنفذين ضمن اللاذقية، ولأن المسؤولية لا تقع على عاتقه وحده بل على عاتق المتدربين من قسم التجميل.

“سرقة المساعدات”.. النظام السوري يوزع مساعدات طبية منتهية الصلاحية في اللاذقية

شاش وأدوات جراحية في بطون المرضى!

لن تتوقع أي سيدة ذاهبة لاستئصال رحم أنها ستعود مجدداً لغرفة العمليات ويتم استقصاء البطن لديها فيتبين وجود أداة جراحية منسية ضمن بطنها، وهو ما حصل مع مريضة ستينية خضعت لعملية استئصال رحم علاجي، وبعد عدة أيام عادت المريضة بآلام مبرحة ليتبين بعد فتح البطن وجود أداة جراحية منسية في جوف البطن. أحد العاملين في المشفى “ع” وصف أن المشكلة ليست بقلة الاهتمام بالمريضة أو غيرها، المشكلة في الفوضى التي تحصل وكثرة المتدربين الذين يريدون التعلم ولكن بحسب قوله “ما هكذا تورد الإبل”، هنالك أسس وطرق للتعليم أبسطها هو التركيز ومنح المريض كل الخدمات الممكنة.

يضيف “ع” أن حادثة مشابهة حصلت في أحد مشافي اللاذقية، ولكن هذه المرة تم نسيان شاشة في بطن المريضة، والمفارقة أن من أجرى العملية للمريضة هو مدير المشفى نفسه وطبيب مشهور في اللاذقية ذو سلطة واسعة، وتم التنصل من المسؤولية بكل سهولة، “تم إصلاح الخطأ ومعالجة المريضة”.

ويوضح “هنالك كثير من الأطباء مقربون من السلطة وقد ذلك حصلوا على امتيازات خاصة وأحد هذه الامتيازات العمل بحرية في غرفة العمليات وكان نتيجة ذلك كثرة الأخطاء الطبية القاتلة”.

كيف يتعامل القانون السوري مع الأخطاء الطبية؟

في القانون السوري توجد تشريعات بخصوص الأخطاء الطبية ولكن هنالك صعوبة في إثبات مسؤولية الطبيب والطاقم الطبي عن الأخطاء الطبية، بحكم عدم وجود وضوح في التشريعات القانونية التي تحدد الأخطاء الطبية من قصص الإهمال الطبي وتحيز القانون السوري بشكل واضح وصريح للجانب الطبي.

يقول “سامح” محام سوري متمرس في مجال القانون السوري لموقع تلفزيون سوريا، إن هنالك كثيرا من القضايا التي ترفع بحق أطباء ولكن قلة منها من يربح أصحابها ويغرم الطبيب. ويعزو سامح السبب لعدة أسبابها من بينها قدرة الطاقم الطبي على التضامن مع الطبيب وإخلاء المسؤولية عن عاتقه، وأيضاً عدم وضوح الفروقات بين الأخطاء الطبية أو الإهمال الطبي أو عدم الكفاءة.

“إضافة إلى جهل كثير من الناس بحقوقهم على الأطباء وواجب الأطباء من حيث إعطاء المريض كل المعلومات المتعلقة بمرضهم وطريقة العلاج، لكن الأطباء في سوريا يستغلون هذه النقاط ليتملصوا من سلطة القانون والمحاسبة” يوضح المحامي.

ويتابع “بالطبع يوجد بعض الحالات التي انتهت بسجن أطباء أو محاسبتهم ونادرة هي الحالات التي وصلت حد سحب شهادة الطب ومنع مزاولة المهنة، عدا أن حالات كثيرة انتهت بتسوية بين المريض والطبيب لذلك تبقى مشكلات الأخطاء الطبية في سوريا معلقة ريثما يوضع قانون يوضح ما للمريض وما عليه وما يترتب على الطبيب إضافة إلى فرض عقوبات صارمة على الانتهاكات الطبية.”.

يذكر أن وزارة الصحة التابعة للنظام أصدرت مؤخراً عدة تعاميم من بينها ما يحدد من يحق لهم ممارسة حقن البوتوكس والفيلر، وتتوعد بمعاقبة من يمارسه خارج اختصاصات محددة نصها التعميم وذلك بعد عدة شكاوى بحق أشخاص يمارسون حقن البوتوكس بدون شهادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى