عرب وعالممباشر

خسارة الملكة: اختبار لبريطانيا المنقسمة

عادة ما يكون وفاة الملك حدثاً متوقعاً، كذلك الشكليات الرسمية والمهيبة والتي تم ربطها بطقوس الخلافة. ولكنه أيضًا حدث يصعب توقعه بدقة في أي وقت معين.

وبحسب صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، “مع وفاة الملكة إليزابيث الثانية في قصر بالمورال في اسكتلندا، تجد أمة، مستعدة لمثل هذا الحدث ولكنها مصدومة، نفسها في لحظة مشابهة، ومن المهم جداً أن نواجه سياستنا المضطربة ومجتمعنا المدني الجريح هذه اللحظة بأقصى قدر ممكن من الهدوء والعقلانية، لأن هذا الحدث سيتردد صداه سياسياً ودستورياً لسنوات مقبلة. جلست إليزابيث على العرش لسنوات عديدة، وبذلك، أصبحت عملية الجلوس على العرش مهمة صعبة. لقد حكمت لفترة أطول من أي ملك آخر في التاريخ البريطاني، وبهامش كبير. هي الملكة الوحيدة التي حكمت لأكثر من 70 عامًا، وهي فترة من غير المرجح أن تتكرر في المستقبل المنظور. حتى يوم الخميس، كانت الملكة الوحيدة التي عرفتها الغالبية العظمى من البريطانيين والعالم، يجب أن يكون عمر المرء 75 عامًا على الأقل ليتذكر حكم الملك جورج السادس. هذا حدث كبير وكبير جداً بالنسبة لبريطانيا”.

وتابعت الصحيفة، “لقد ترأست نظاماً ملكياً بدا وكأنه لا نهاية له، لكنه كان متكيفاً ومميزاً. فترة بقائها في الحكم بالإضافة إلى مهارتها في المحافظة على المسافة اللازمة جعلت منها نموذجاً ملكياً لن يكون من السهل على خلفها، الملك تشارلز الثالث، تكراره، خاصة إذا فشل، كما هو ممكن وبوضوح، في كسب الاحترام الذي كانت تتمتع به والدته. لكن، أنذرت العلامات التي ظهرت يوم الخميس بالسوء. فمن غير المعتاد أن يقوم قصر باكنغهام، الذي تميز بعدم البوح بمثل هذه الأمور، بهذا النوع من التصريحات الصريحة حول المشكلات الصحية للملك. حتى أنه من غير المعتاد أن يتوافد أفراد العائلة المالكة المتناثرين والمتحاربين أحيانًا بشكل جماعي والبقاء إلى جانب سرير الملكة في بالمورال. ومع ذلك، فهذه هي اللحظة التي استعد الملك الجديد لها منذ فترة طويلة، وستتميز بالتغيير على الأقل بقدر ما ستتميز أيضاً بالاستمرارية المقدسة،لكنها عملية تغيير يحق فيها للعديد من مؤسسات المجتمع البريطاني، وليس القصر فقط، إبداء رأيها”.
هذا موعد جنازة الملكة إليزابيث الثانية
“خطوة غير عادية” في القصر.. ماذا يحدث فور وفاة ملكة بريطانيا؟
وأضافت الصحيفة، “النظام الملكي يتطور، وإن جاء هذا التطور بطيئاً. تطور في عهد إليزابيث، كما تطور في عهد جورج السادس. ومن المؤكد أنها سيتطور أكثر في ظل حكم تشارلز، الذي عقد العزم على تقليص عدد أفراد العائلة المالكة العاملين والذي من المؤكد أيضًا أنه سيجد نفسه غير قادر على تولي رئاسة العديد من دول الكومنولث. ومع ذلك، خارج جدران القصر، يبدو أن المحرمات الجماعية قد تطورت وذلك عندما يتعلق الأمر بمناقشة مستقبل الحياة البريطانية بدون إليزابيث. وهناك مثال فظيع على ذلك، فبعد موجة الغضب بسبب حضور رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون حفلة في مقر الحكومة خلال فترة الحجر الصحي، وقف كير ستارمر، زعيم المعارضة العمالية، في مجلس العموم ولفت الانتباه بين التراخي في الاهتمام بقواعد كوفيد في داونينج ستريت والالتزام الصارم والمؤثر بهذه القواعد من قبل الملكة الأرملة في جنازة الأمير فيليب أثناء تفشي الوباء في عام 2021. كان هناك تناقض أدركه الملايين، لكنه واجه توبيخًا فوريًا من رئيس مجلس العموم، ليندسي هويل، الذي قال لستارمر: “نحن عادة لا نذكر العائلة المالكة، وبحق. نحن لا ندخل في مناقشات حول العائلة المالكة”.

وبحسب الصحيفة، “هذا موقف طفولي لعضو برلماني كبير. قد لا يكون من المفترض أن يدخل البرلمان في مناقشات حول العائلة المالكة، لكن كل شخص آخر في البلاد يفعل ذلك. وكذلك الأمر بالنسبة للصحيفة، هي التي على يقين بأن مقالات حول أفراد العائلة المالكة، سواء المواضيع المتعلقة بكامبردج النموذجية، أو ساسكس المضطربة، أو أندرو المهزوم، أو الجاذبية المستمرة لديانا، من شأنها أن تزيد من عدد القراء. إن فكرة أن طريقة بريطانيا في إقامة نظام ملكي هي النموذج الوحيد الممكن هي فكرة لا معنى لها. نظامنا الملكي هو النظام الملكي الوحيد وهو أيضاً على رأس الكنيسة. لهذا السبب جزئيًا، فإن نظامنا المكي هو الوحيد الذي لديه عملية تتويج مفصلة للاحتفال بالعهد الجديد. فلو كانت ليز تراس زعيمة سياسية سويدية، لكانت سافرت لرؤية رئيس البرلمان السويدي هذا الأسبوع ليتم تعيينها كرئيسة للوزراء، وليس للملك. فالأخير لا دور له في استدعاء البرلمان أو حله، كما أنه لا يعطي موافقة ملكية على التشريع. كل ما سبق هو من بين العديد من شروط وأحكام الملكية الدستورية التي قد تناقشها دولة كبيرة بشكل معقول، خاصة في نهاية عهد طويل مثل عهد إليزابيث. ومن المؤكد أن القائمة ستشمل الأشكال العديدة للسلطات الملكية التي يمارسها رئيس الوزراء البريطاني، ولكن عهد جونسون ساعد في إثارة الجدل”.

وختمت الصحيفة، “لا يجب التقليل من شأن الاضطرابات في الحياة البريطانية التي ستطلقها هذه اللحظة المرتبطة بالعائلة الحاكمة. أمضت إليزابيث الثانية 70 عامًا كقوة موحدة متواضعة لكنها فعالة للغاية في أمة لا تنفك تمزق نفسها بشكل واضح. سيؤدي وفاتها إلى إزالة تلك القوة، التي لا يستطيع ورثتها تكرارها. في أسلوبها الخاص، ستكون هذه الخلافة واحدة من أكبر الاختبارات لمواجهة بريطانيا الحديثة. لا بد للسياسة أن تكون حاضرة”.

المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى