ضغوطات كثيرة ترافق يومياتنا… ” التفريغ النفسي” وصفة علاجية قد تساعدنا على التخطي والتأقلم
قالت “الديار” ان الصراع النفسي داخل الذات او مع الغير، هو نتيجة الضغوط التي يتعرض لها الانسان في تفاصيل حياته اليومية، سواء داخل المنزل او خارجه، وينتج عنها عدم قدرته على التكيف مع المتغيرات او الهزات التي تطرأ على حياته، خاصة تلك الي تجعل منه فريسة للقلق والتوتر.
يعد التنفيس النفسي، أداة ناجعة للتخلص من الطاقة السلبية التي قد تسيطر على الكيان النفسي للفرد، من مشاعر الحزن والتوتر والقلق والارق والكآبة والإحباط وغيرها من الأمور. بحسب الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين، إذا لم تخرج من داخل الانسان، وتعبّر النفس الإنسانية عما يجول في خاطرها بأسلوب ما، قد تترجم او تتحول الى امراض مزمنة بطريقة سيكوسوماتية، مثل الاضطراب الوظيفي للكبد والكلى والمعدة والجلد والبنكرياس. فهناك امراض تظهر نتيجة الكبت والحصر وهي كثيرة، وقد يتجاهلها الأشخاص الذين لديهم ذكريات مؤلمة مرت عليهم او عايشوها.
بناء على كل ما تقدم، سيتم التطرق الى أساليب وطرق التفريغ النفسي كعلاج لكل من ألم به ضيق، توتر، او اضطرابات “نفسجسمية” و”نفسجسدية”، خاصة بعد الزلزال المريع والهزات الأرضية والارتدادية، وما تركته من أثر سلبي في النواحي الإنسانية والنفس- البشرية، خاصة انها تعتبر امتدادا للازمات والخضات الاقتصادية، فتتحد لتُضعف الانسان وتجعله مستسلما وخانعا لها. لذا سيكون هذا العلاج بمثابة وصفة احتياط ووقاية لما قد يلم بالكثير من الاشخاص، فالمرء يحمل جسما بشريا يعْتلُّ من ابسط الأمور أحيانا، او بسبب تراكمات تارة أخرى.
تشرح الاختصاصية النفسية والاجتماعية لانا قصقص لـ “الديار” كيفية الاخلاء النفسي وماهيته واساليبه وطرق تنفيذه ، فتقول: “التفريغ النفسي هو آلية نستخدمها لنعبر عن المكبوتات الداخلية والمشاعر السلبية كالحزن والإحباط وغيرها من الاحاسيس، التي تؤدي الى البطء والتردد في الحركة والشغف للقيام بأي هوايات او ممارسات، والتي تحدث نتيجة الضغوطات الحياتية او الصدمات التي تمر على الانسان”.
الاساليب
تقول لانا : يمكن ان نُجري التفريغ بعدة أساليب منها:
1- الكلام : يمكن للإطلاق او الافراغ النفسي ان يكون بالكلام عما يجيش في صدر الفرد، ويتم من خلال التعبير المباشر عن الأمور التي هي سبب ضيقنا وازعاجنا وضعفنا.
2- الرسم، الغناء، وممارسة هوايات محببة. يجب ان يكون الاجلاء النفسي بممارسة هذه الهوايات، وقد ينذهل البعض كيف للرسم او الغناء ان يريحنا نفسيا، وقد يتساءل هل انا مستعد او املك الرغبة للقيام بهذا الامر؟ كيف لي ان ارسم او أغني! في الحقيقة لا يهم ان نمارس هذه النشطات امام حشود، وليس من الضروري ان يراكم أحد وأنتم ترقصون او تغنون او ترسمون “خربشات”، لان القيام بمثل هذه الأشياء قد يساعد كثيرا في تفريغ الطاقة السلبية الداخلية، ويبدلها بأخرى ايجابية، ويحرر من الأساس الضعف الذي يسيطر عليكم والذي يجثم على صدركم”.
كذلك الامر بالنسبة للغناء، وخاصة إذا كان ضمن مجموعة او حشد او في سهرة او احتفال، لأنه يجعل الحزن يقفز خارجا من قلب الانسان. فان التفريغ باللجوء الى المواهب يعد ذات فعالية كبيرة، كما ويحارب حالة الاكتئاب التي تسيطر على الفرد والمجتمع ككل، والتي تتمثل بفقدان البهجة للقيام بأي منها. وينصح الخبراء في هذا المجال باللجوء الى هوايات جديدة مما قد يسهم في تحسين الحالة بمقدار مائة مرة من العقاقير والأدوية التي قد يلجأ اليها.
3- المشاركة في الحوارات: أيضا ممكن ان يكون التفريغ عبر المشاركة في الحوارات والأنشطة الجماعية. فتفريغ النفس جماعياً من خلال الجلسات النفسية الجماعية، قد يؤدي ما لا يستطيع ان تقوم به الجلسات الفردية، لان الانضواء النفسي قد يعقد الأمور ويأخذها الى مفترقات شديدة تكون ذات أثر بائس على الفرد، وتدفع به الى اقعار الهاوية السيكوسوماتية أي امراض مختلفة.
4- مساعدة اختصاصي: قد تكون طرق الاجلاء من خلال الفرد، الذي يمكن ان يقوم بهذه الأنشطة بالمشاركة مع أصدقائه او محيطه، الى جانب ممارسة التمارين الرياضية مثل المشي على البحر او الجري والتنزه في الطبيعة، ويمكن ان يكون بأسلوب مهني أي بمساعدة الاخصائي النفسي. وهناك نشطات أخرى يمكن للإنسان اتباعها وتخفف كثيرا من الاضطرابات النفسية وتفريغها يكون من خلال ممارسة اليوغا، الضحك او مشاهدة أفلام كوميدية، ممارسة رياضة، التأمل. والنظام الغذائي مهم جدا في علاج هذا النوع من التوتر والقلق والاضطراب النفي-الجسدي.
وعن كيفية عدم نقل هذه المشاعر الى الاسرة، تقول لانا: “هناك وسائل للتخفيف من الضغط العصبي والنفسي، وتساعد في استعادة الهدوء والسكينة، ولا تحتاج الكثير من الوقت، ويمكن التقليل من وطأته وشدته ونقله الى داخل الاسرة وخاصة للأطفال، وذلك باعتماد أساليب التفريغ التي ذكرتها”، وتشير الى “ان الكثير من الأشخاص تتأثر أعمالهم وصحتهم الجسدية، ويطال هذا الامر العلاقات مع الآخرين، جراء الطاقة السلبية التي أساسها الاضطرابات النفسية والتوتر والقلق والخوف الغير مبرر”.
وتختم الاخصائية: “المهم اخراج هذه المشاعر السلبية، كما انه من المهم ان نعرف ان كل شخص فريد بخبراته وتجاربه، وطريقة تعاطيه مع المشاكل والصدمات، كما وينفرد كل شخص ببنيته النفسية وكيفية التجاوب مع الازمات، وليس هناك وقت محدد ليصبح الفرد متصالحا مع ذاته. نحن على خط تماس مع الصدمات والمصائب اليومية والحياتية والمرء يعمل دائما على ذاته ليتكيف معها”.
المشاركة في العمل التطوعي الإنساني
ان الانخراط في مثل هذه الاعمال، قد يقلب كل المعادلات، نظرا لما يترك في النفس من إيجابية. كما يعد الزلزال الأخير الذي ضرب كل من تركيا وسوريا، وتأثر به لبنان وشريحة كبيرة من المواطنين، فان فئة كبيرة وبحسب اختصاصيين عانت من اضطرابات النوم، وعدم القدرة للذهاب الى الجامعات والمدارس. هذه الاعتلالات “النفسجسدية” يمكن معالجتها بالانضمام الى الجمعيات التي تعنى بحقوق الانسان كجمع المساعدات الإنسانية للمتضررين.
يذكر هنا، انه في إطار المساعدات قام طفلان لبنانيان بالتبرع بما كانوا يجمعونه، وهو مبلغ قيمته 50$ لأطفال تركيا ليساهموا في إعادة البسمة الى وجوههم التي قهرها الزلزال.(الديار)